كتب تقولا ناصيف في” الاخبار”:على ابواب 15 ايار، اسباب شتى تحمل على الاعتقاد ان اياً منها كاف للحؤول دون صناديق الاقتراع في موعدها، دونما ان تتحمّل اي كتلة او فريق او نائب حتى وزر الفضيحة. مع ذلك يتصرّف الجميع كأنهم اقتربوا للغاية من الموعد: ترشحوا، وباشروا اعداد لوائحهم، ونشّطوا تحالفاتهم وخصوماتهم، وحرّكوا ماكيناتهم الانتخابية وقواعدهم، وحضّروا اللافتات والشعارات، وفتحوا خزناتهم. ما يبقى ينقص ذلك هو التأكد هل ستجرى الانتخابات في موعدها؟
الأسباب المحتملة للتأجيل، سواء بمبررات قانونية او واقعية او اجرائية، لا تزال كثيرة. بعضها زال كميغاسنتر، وبعضها الآخر لا يزال ماثلاً كالاعتمادات المالية الضرورية. الا ان من بينها ايضاً ما هو مصدر انزعاج جدي من دون ان يكون قاطعاً، بمفرده، بالتسبب بتأجيل الانتخابات. لكن تضافر العوامل سيفضي بالتأكيد الى هذا الخيار. اولها، تردي الحال المعيشية يوماً تلو آخر، دونما تمكن السلطات من ابطاء حركة الانهيار في كل ما يمسّ يوميات المواطن وحاجاته ومتطلباته. المشكلة الجديدة المحسوبة، هي احتمال دخول البلاد في العتمة الشاملة في اقل من شهرين، على ابواب الانتخابات النيابية. خلال هذا الوقت، يكون انتهى العقد المبرم مع العراق القاضي بتزويد لبنان النفط في مقابل تسديد ثمنه البالغ 500 مليون دولار، كان مكّن المناطق اللبنانية من الحصول يومياً على ساعتين من الكهرباء الرسمية. عندما فوتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اخيراً بتسديد المبلغ المترتب للبنان على العراق، كان جوابه قاطعاً ان لا نقد اجنبياً لديه يدفعه لهذه الغاية. الى الساعة لم يتقاضَ العراق قرشاً من الدين.
ثانيها، اقتراع الانتشار الذي يُفترض ان يسبق اقتراع الداخل، وحُدد له موعدان في 6 ايار و8 منه، في الاسبوع السابق لتصويت المقيمين. وهو لا يزال يفتقر الى التحضيرات اللوجستية التي يتطلب اجراءها بالاستناد الى الاعتمادات المرصودة له، وهي 60 مليار ليرة لم تصل بعد الى وزارة الخارجية المعنية مباشرة بتنظيم اقتراع الانتشار واستقبال صناديقه. لم تعد اهتمامات الاتحاد الاوروبي نفسها قبل اشهر عندما وعد بتقديم مساعدات، لوجستية خصوصاً، لتسهيل اقتراع الانتشار. هذا الباب اضحى موصداً اليوم بعد اندلاع حرب اوكرانيا التي نقلت اهتمام باريس وبعض دول الاتحاد الاوروبي بلبنان الى جوارها المشتعل واقتصادها المنكمش واسواقها المغلقة.ثالثها، مرتبط بدوره بالاقتراع القاري الذي سجّل ارقاماً غير متوقعة، بعثت على القلق لدى اكثر من كتلة وحزب في الطبقة السياسية الحاكمة. رغم الاعتقاد بأن اقتراع الانتشار لن يتجاوز 50 في المئة، على نحو تجربته السابقة في انتخابات 2018، بيد ان الرقم المسجل للتصويت يزيد على الضعفين (225 الف مسجل لانتخابات 2022 بعد 92 الفاً لانتخابات 2018)، ما يمكّن من التلاعب بالحاصل الانتخابي والاصوات التفضيلية في آن. اول المتوجسين الثنائي الشيعي بأن فوجىء بأن المسجلين في افريقيا بالكاد بلغ 17 الفاً، وهو ثاني الارقام الدنيا للمسجلين بعد اميركا اللاتينية، في القارة التي يُعتقد انها تتيح للناخبين الشيعة التصويت بحرية للثنائي دونما مراقبة او تعقب، على نحو ما يرجح ان ينتظر الناخبين الشيعة في الخليج العربي واوروبا، ما قد يحملهم على تفادي الذهاب الى صناديق الاقتراع. ليس الثنائي الشيعي وحده المتوجس من الارقام المعلنة وتوقعاتها. يقاسمه المخاوف اياها حليفاه اللدودان التيار الوطني الحر وتيار المردة.
رابعها، وقد يكون اكثرها اقلاقاً، تداعيات حرب اوكرانيا معطوفة على تطورات مستجدة في الايام الاخيرة، تقترب ارتداداتها من لبنان وافرقائه المستنفرين دائماً للانخراط في حروب سواهم.
الوجه المباشر الذي يعني لبنان تبعاً لما حدث، هو التصعيد العالي السقف للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الايام القليلة المقبلة، متحدثاً عن حادث اربيل والاعدامات السعودية، كي يشن حملة حادة على المملكة تعيد الى الصفر – وإن هي لا تزال في الصفر – علاقات لبنان بدول الخليج العربية. اذذاك يتعين الاحتساب الدقيق لمصير 15 ايار.
lebanon24