على مسافة أقل من مئة يوم من الموعد المحدد لاجراء الانتخابات النيابية، تبدو التحضيرات بشكل عام خجولة، او ان صح التعبير بطيئة الحركة وقليلة التفاعل، لاسيما على الصعد السياسية والجماهرية والاعلامية والاعلانية في آن معا.
فالأحزاب والتيارات مجتمعة لم تطلق عجلات ماكيناتها بشكل فعليّ حتى الساعة، على الرغم من ان حزبيّ “الكتائب اللبنانية” و”القوات اللبنانية” خرقا هذا الصمت الاختياريّ بمحاولات واضحة للتأكيد على حضورهما وجهوزيتهما لاسيما في دائرة الشمال الثالثة وتحديدا في البترون حيث ستتصارع الأحزاب المسيحية ذات الطابع اليمينيّ دون ان تدرك أن معارك شعبها أصبحت في مكان آخر.
لكن وبالموازاة، تبدو جدية الحكومة في التعاطي مع ملف الانتخابات واضحة وعلنية، وهذا ما ظهر من خلال اقرارها بند فتح الاعتمادات اللازمة لإجراء الانتخابات النيابية،ومن خلال مختلف التجهيزات اللوجستية التي تقوم بها وزارة الداخلية.
كما بدا لافتا في هذا السياق الاجتماع الوزاري الذي رأسه في الأمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والذي تخلله بحث معمّق ودراسة للعملية الانتخابية في أيار المقبل.
اذا، تبدو المفارقة واضحة ما بين التحضيرات اللوجستية والتحضيرات السياسية، فهل من الممكن التحدث بعد عن تأجيل ممكن للانتخابات؟ وما مدى فعالية هذه الانتخابات على صعيد التغيير وامكانية انتشال اللبنانيين من جهنمهم الاقتصادي والمالي؟
في هذا الاطار يقول مصدر مطلع لـ”لبنان 24″ ان “امكانية تأجيل الانتخابات النيابية أصبحت ضئيلة جدا، اذ ان الأحزاب السياسية في لبنان باتت على ثقة ان التغيير في صفوفها بشكل عام سيكون بسيطا أو متوسطا في أقسى الحالات كما ان البعض الكتل النيابية لن تشهد أي تعديل أو تغيير.
وهذه المعادلة تأتي كنتيجة طبيعية لعدة اسباب ابرزها عدم وجود بديل واضح ، اذ ان (القوى التغييرية) التي انبثقت عن (17 تشرين) لم تتمكن من توحيد صفوفها ومن تقديم نماذج للوصول الى الندوة البرلمانية يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها. بالاضافة طبعا الى معطيات متعددة مرتبطة بالواقعين الاقتصادي والمالي وهما سلاح يرفع بوجه المواطن منذ التسعينيات وصولا الى اليوم”.
ويضيف المصدر ” في مقابل هذا التأكيد شبه النهائي تظهر مجموعة عوامل تؤشر بطريقة او بأخرى الى رغبة البعض في تأجيل الانتخابات النيابية، اذ يدرك هذا البعض ان عدد نوابه سيتدنى لصالح احزاب من صميم السلطة وليس لصالح اي قوى تغييرية، من هنا لا بد من طرح علامات الاستفهام حول عودة الحديث عن (الميغاسنتر) في هذا التوقيت بالذات.
كما أنه لا يمكن لاحد ان يغفل نسب الفقر المرتفعة التي أصبحت تطال مختلف ابناء هذا الوطن ولا يمكن غض النظر عن احتجاز أموال اللبنانين في المصارف بالاضافة الى معدل الجريمة المرتفع في اكثر من منطقة لبنانية، فكل هذه العوامل مشتركة تؤكد ان الأرضية اللبنانية جاهزة او مهيأة لأي عمل أمني بغض النظر عن طبيعته. وهنا تجدر الاشارة الى ان اي خضة أمنية محتملة لا سمح الله قد تودي بالموعد المحدد للانتخابات النيابية في أيار المقبل”.
وعن فعالية الانتخابات النيابية وقدرتها على وضع حدّ للتدهور الحاصل بأشكاله المختلفة، يرى المصدر عينه أن “الموعد الدستوري المقبل سيشكل محطة عابرة لا أكثر ولا أقل، وهذا الكلام ليس للدلالة علة انه لن يؤدي الى أي تغيير على صعيد شكل البرلمان اللبناني، انما من باب المعرفة التامة بأننا نعيش مرحلة انتقالية تتضح معالمها يوما بعد يوم وأي استحقاق يحصل خلال هذه المرحلة لا يمكن التعويل عليه لخلق اي جديد أو لتأمين ظروف أفضل وأكثر انتاجا.
والحديث عن مرحلة صعبة هو واقعي وصحيح، فالتغيير المنتظر لن يأتي على طبق من فضة، انما عبر مخاض عسير يؤمل ان ينتج في نهاية المطاف صيغة تشبه لبنان الذي نعرفه فيتمكن من خلالها اللبنانيون من العيش بطمأنينة وراحة بال وبحبوحة”.
المصدر: لبنان 24