الدواء مادة اساسية في حياة المواطن،وبالرغم من ذلك مازال البعض في لبنان يتعامل مع هذا الموضوع بإعتباره سلعة مغرية في ارباحها المادية فقط لاغير. وما نشهده منذ سنتين حتى اليوم يشكل خروجا عن منظومة القيم عند الكثير من العاملين في هذا القطاع، والذين يتصرفون بمنطق تجاري محض. في هذا السياق يؤكد عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور فادي علامة في حديثه لـ “لبنان 24” أن “القسم الاكبر من شركات استيراد الدواء في لبنان كان هو المستفيد من قرار رفع الدعم، بالرغم من ادعائه بأنها باع مخزونه منذ زمن،وان المشكلة هي في التأخير الحاصل من قبل مصرف لبنان في التدقيق في الفواتير المقدمة من قبل هذه الشركات،تمهيداً لصرفها على السعر المدعوم، الامر الذي ادى إلى بطئ في عمليات الاستيراد من الخارج ما تسبب بازمة في سوق الدواء”.
واضاف علامة قائلاً: ” لكن الحقيقة هي ان بعض هذه الشركات استفاد من السعر المدعوم وقام بعمليات بيع للمستشفيات بحسب سعر السوق”.
ما يقوله النائب علامة ينفيه نقيب الصيادلة غسان الامين، والذي تحدث ل” لبنان ٢٤” قائلاً: “بعكس كل ما يقال ويشاع عن عمليات احتكار واستفادة من السعر من المدعوم بطريقة غير شرعية،فإن شركات الادوية لم تقم بأي عملية استيراد من الخارج منذ ما يقارب الخمسة اشهر بسبب عدم تسديد مصرف لبنان لمستحقاتها المتراكمة”.
سعر الدواء قد ينخفض عبر خطوة.. حقائق على المواطنين معرفتها
رفع الدعم جزئيا يضاعف اسعار ادوية الامراض المزمنة والمستشفيات تشكو” انخفاض الحركة”
المسؤولية بحسب نقيب الصيادلة تقع على الدولة التي فشلت حتى الان في تنظيم سياسة دوائية صحيحة واعتمدت فقط على الاستيراد. ”
الحل بالدواء الوطني
ad
قرار رفع الدعم عن الدواء فاجأ المواطنين، وادى الى حالة ذعر وفوضى في سوق الدواء، وهو أتى من دون تقديم خطة بديلة.
مشهد يحاول مجلس النواب تدارك تداعياته،عبر اقرار مشروع البطاقة التمويلية، وفي هذا السياق يتحدث علامة قائلاً:” قرار رفع الدعم عن الدواء كان يجب أن يسبقه اقرار واحد من ثلاثة مشاريع يجرى درس الياتها في مجلس النواب،والاقرب إلى التنفيذ السريع هو مشروع شبكة الامان الاجتماعي والممولة من البنك الدولي، والتي تمنح المواطن مبلغاً يترواح مابين 27 و90 دولار لمواجهة كلفة رفع الدعم عن الدواء.
ما يقوله علامة لا يوافق عليه نقيب الصيادلة، والذي يرى ان مصرف لبنان وصل إلى مرحلة لم يعد يستطيع القيام بأكثر مما قام به، وهو محكوم بما لديه من أموال”، والتي لامست نزولاً الخط الاحمر.” أما الحل بحسب نقيب الصيادلة فيكمن في اعطاء الحكومة الدعم الكافي لمعامل الادوية الوطنية للقيام بواجباتها في تغطية احتياجات السوق، وبأسعار اقل من الخارج، اضافة الى الاعتماد على الدواء “الجنريك”، والذي يحمل نفس مواصفات الدواء الاصلي وبكلفة أقل. “وهذا مبدأ اصبح معتمداً في كل دول العالم فلماذا يتخلف لبنان عن اللحاق به”؟ يسأل الامين.
المطلوب مركزية مشتريات
اليوم وبعد أن وقعت الواقعة ما هي التدابير التي ستتخذ لمواجهة الموقف وهل سيترك المواطن لمصيره في مواجهة التجار والمحتكرين،يشدد النائب فادي علامة في هذا المجال على دور الحكومة والمجلس النيابي في التخفيف من معاناة المواطن،وهو يشرح قائلاُ:” العمل جار على قدم وساق في المجلس النيابي لأنهاء دراسة التعديلات المطلوبة من قبل البنك الدولي على مشروع البطاقة التمويلية تمهيداً لإقرارها في أول جلسة للهيئة العامة في اقتراح قانون معجل مكرر، وبعد ذلك سيأتي دور وزير الشؤون الاجتماعية،والذي اخبرنا بأن وزارته ستكون جاهزة لصرف المبالغ للمستحقين في فترة لا تتعدى اول السنة المقبلة”.هذا الحل وبالرغم من أنه قد يشكل عاملاً مساعداً فأنه بنظر علامة ليس الحل الامثل، والذي يرى ان الحل الاجدى هو في اعادة تفعيل المكتب الوطني للدواء المتوقف منذ زمن ، والذي من صلاحيته القيام بإستيراد الدواء من الخارج لصالح المؤسسات الرسمية الضامنة،بعد مفاوضات مع الجهات المصنعة.”
ad
ويكشف أيضاً عن مشروع يجرى العمل عليه ويقضي بإعتماد سعر صرف معين لإستيراد الدواء من الخارج ، اضافة إلى تخفيض ارباح الشركات المستوردة، وهي امور جرى التباحث بها في الاجتماع الاخير إلذي عقد في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة واعضاء لجنة الصحة النيابية الاسبوع الماضي، وهي لاقت اهتماماً من الرئيس ميقاتي.
“لايجوز اعادة تكرار تجربة المكتب الوطني للدواء بعد التجربة الفاشلة التي مر بها هذا المكتب قبل عدة سنوات”يشدد نقيب الصيادلة على هذا الامر ، وهو يستند في رفضه على فضيحة الفساد التي خرجت للعلن في مرحلة المدير الأسبق للمكتب، والتي أدت إلى احالته على المحكمة وتوقف المكتب عن العمل”.
تؤكد الدراسات التي اجريت من قبل خبراء مختصين ان انشاء المكتب الوطني للدواء من شأنه تخفيض سعر الدواء بنسبة لا تقل عن اربعين بالمئة، ولكن الذي حدث انه جرى الغاء المكتب في عهد الحكومة الاولى للرئيس رفيق الحريري، من منطلق ان الدولة تريد ان تشرع المنافسة وتضرب عملية الاحتكار.
أحد العاملين في هذا القطاع قال لـ”لبنان 24″:”نحن اليوم بأمس الحاجة لوجود المكتب الوطني للدواء،ففي كل دول العام يوجد هناك ما يعرف بمركزية المشتريات اي أن هناك مؤسسة تقوم بعملية الشراء والتوزيع، وهذا من شانه ليس فقط تخفيض السعر بل التأكيد على عملية الجودة والنوعية ايضا”.