تراجعت نسبيا الآمال بامكانية تسهيل عمل الحكومة مع تعاظم الخلافات السياسية بين مكوناتها والتي تكشف استحالة اللجوء الى المؤسسات طالما أن التهديد والوعيد يتحكمان باللعبة السياسية والمسار القضائي. ومع تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه “لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء، قبل إيجاد حلّ للمشكلة”، فالحكومة معطلة ولا اجتماعات قبل نضوج حل ما يرضي مكوناتها كافة، خاصة وأن وزراء حزب الله وحركة أمل سوف يعتكفون عن حضور جلسات مجلس الوزراء إلى حين كف يد المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف انفجار مرفأ بيروت.فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سيتوجه بخطاب تصعيدي مساء اليوم تجاه المعنيين بالتطور الأمني الخطير الذي شهدته منطقة الطيونة، حيث سينال هذا الملف الحيز الاكبر من خطابه الذي سيعيد السيد نصر الله خلاله التأكيد على موقف الحزب من القاضي البيطار وتحقيقات المرفأ والتدخلات الخارجية
.
أحدثت اشتباكات الطيونة ارباكا بين القوى السياسية، فبينما وضعت حزب” القوات اللبنانية” في مواجهة “حركة امل” رغم أنها لا تريد ذلك، فان “كتلة الجمهورية القوية” تتعاطى بايجابية مطلقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتربطهما علاقة مستقرة مع “كتلة التحرير والتنمية”، ولم يأت حكيمها ونوابها وزراؤها السابقون على ذكر حركة أمل في احداث الطيونة، أما على خط حركة أمل فالمشهد ايضا تبدل، فبعدما كانت قد حصرت مواجهتها ب” التيار الوطني الحر” على المستوى المسيحي وجدت نفسها في مواجهة مع “القوات”. أما على خط “تكتل لبنان القوي” فالأمور ليست بأفضل حال أيضاً فبعدما أشعل سياسيا الجبهات مع “حركة أمل” وحزب “القوات”، وجه نفسه في مشكلة كبيرة مع “حزب الله” الذي يعتبر ان ما يجري في تحقيقات المرفأ عمل مشبوه واستنسابي، في حين أن التيار العوني لجأ الى تغطية البيطار لحسابات تتصل باستمالة الشارع المسيحي عشية الانتخابات النيابية المقبلة، عطفأ على أنه قدم خطابا يتعارض مع حزب الله. فرئيسه النائب جبران باسيل شدد على ضرورة ان تستمر التحقيقات في انفجار المرفأ، لافتا الى ان لا ادلة تشير إلى أن هناك تسييسا للتحقيق من قبل القاضي البيطار مناقضا بذلك موقف “حزب الله” الذي يدعو إلى تنحية الأخير وتصويب تحقيقات المرفأ، عطفا عن أن باسيل ذهب الى اعتماد لغة الوسطية لما تقتضيه المصلحة الانتخابية، مشددا على رفض التهديد بالشارع وعلى أن التعبير عن الرأي لا يبرر الرد عليه بالعنف، وحتى لو حمل المتظاهرون شعارات مستفزة لكن هذا لا يبرر القنص. اما من جهة حارة حريك التي لطالما تجنبت إبراز اي تضارب في المواقف مع بعبدا وميرنا الشالوحي، تبدو اليوم في اشتباك معهما في شأن كف يد القاضي البيطار عن التحقيق. إمام كل ذلك، يبدو أن الأمور ذاهبة إلى تصعيد، فمقايضة أو تسوية، فثنائي “حزب الله- حركة أمل”الذي يطالب باقصاء القاضي البيطار يطالب اليوم بتحديد مرتكبي أحداث الطيونة واتخاذ الإجراءات السريعة بحقهم، وربما قد يستدعي الأمر منهما المطالبة باحالة ملف الطيونة إلى القضاء العدلي وهذا من شأنه يطرح تحديات كبيرة على الحكومة والاجهزة الأمنية.
امام كل ذلك، يراهن البعض على اعادة تهدئة الساحة ومتابعة الملفات وفق الاصول وايجاد نوع من التفاهمات التي تعيد الأمور الى نصبها. فإذا حصل ذلك سنكون أمام تسوية عنوانها المقايضة بين تحقيقات المرفأ والطيونة، والا فإن البلد ذاهب نحو المواجهة والتصعيد.
لبنان 24